منتديات ماي اصحاب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مى محمد
مى محمد
عضو ذهبي
عضو ذهبي
الجنس : انثى مشاركات : 445
http://www.twitte.comhttps://www.facebook.com/samhameed167
01012013




إنَّ الحمد لله نحمدهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ ونعــوذُ باللهِ من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا

من يهدهِ اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله ...
أما بـــــــــعد:


شرح حديث:"حسب ابن آدم لقيمات"



روى
الترمذي في سننه من حديث المقدام بن معدي كرب - رضي الله عنه - قال: سمعتُ
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطن،
بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه،
وثلث لنفسه)) [1].

قال ابن رجب: هذا الحديث أصل جامع لأصول الطب
كلها، وقد روي أن ابن ماسويه الطبيب لما قرأ هذا الحديث في كتاب أبي خيثمة
قال: لو استعمل الناس هذه الكلمات لسلموا من الأمراض والأسقام، ولتعطلت
دكاكين الصيادلة[2]. اهـ؛ وذلك لأن أصل كل داء التخمة، وقال الحارث بن كلدة
-طبيب العرب-: الحمية رأس الدواء، والبطنة رأس الداء، قال الغزالي: ذُكِر
هذا الحديث لبعض الفلاسفة، فقال: ما سمعت كلاماً في قلة الأكل أحكم من هذا
[3].

هذا الحديث الشريف اشتمل على فوائد كثيرة:

أولاً: أن في
تقليل الطعام منافع كثيرة للجسم، فمن ذلك رقة القلب، وقوة الفهم، وانكسار
النفس، وضعف الهوى والغضب، وكثرة الأكل توجب ضد ذلك.

قال المروذي:
جعل أبو عبد الله ـ يعني الإمام أحمد بن حنبل ـ يعظم الجوع والفقر، فقلت
له: يؤجر الرجل في ترك الشهوات؟ فقال: وكيف لا يؤجر وابن عمر - رضي الله
عنهما - يقول: ما شبعت منذ أربعة أشهر، قلت لأبي عبد الله: يجد الرجل من
قلبه رقة وهو يشبع؟ قال: ما أرى. قال الشافعي: الشبع: يثقل البدن، ويزيل
الفطنة، ويجلب النوم، ويضعف صاحبه عن العبادة [4].

ثانياً: أن كثرة
الأكل تسبب أمراضاً للبدن، قال ابن القيم - رحمه الله -: الأمراض نوعان:
أمراض مادية تكون عن زيادة مادة أفرطت في البدن، حتى أضرت بأفعاله
الطبيعية، وهي أكثر الأمراض، وسببها إدخال الطعام على البدن قبل هضم الأول،
والزيادة في القدر الذي يحتاج إليه البدن، وتناول الأغذية القليلة النفع،
البطيئة الهضم، والإكثار من الأغذية المختلفة التراكيب المتنوعة، فإذا ملأ
الآدمي بطنه من هذه الأغذية واعتاد ذلك أورثته أمراضاً متنوعة، منها بطيء
الزوال أو سريعه، فإذا توسط في الغذاء، وتناول منه قدر الحاجة، وكان
معتدلاً في كميته وكيفيته كان انتفاع البدن به أكثر من انتفاعه بالغذاء
الكثير.

قال ابن الرومي:

فإن الداء أكثر ما تراه *** يكون من الطعام أو الشراب

وقال الشافعي:

ثلاث هن مهلكة الأنام ***وداعية الصحيح إلى السقام

دوام مدامة ودوام وطء *** وإدخال الطعام على الطعام

ثالثاً:
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر أن اللقيمات تكفي لحاجة الجسم، فلا
تسقط قوته، ولا تضعف معها، فإن تجاوزها فليأكل في ثلث بطنه، ويدع الثلث
الآخر للماء، والثالث للنَّفَس، وهذا أنفع ما للبدن وللقلب، فإن البطن إذا
امتلأ من الطعام ضاق عن الشراب، فإذا ورد عليه الشراب ضاق عن النفس، وعرض
له الكرب والتعب، بمنزلة حامل الحمل الثقيل، هذا إلى ما يلزم ذلك من فساد
القلب، وكسل الجوارح عن الطاعات، وتحركها في الشهوات التي يستلزمها الشبع
[5].

ويلاحظ هذا جيداً في رمضان، فإن من يكثر من تناول الطعام في فطوره، فإن صلاة العشاء والتراويح تصبح ثقيلة عليه.

رابعاً:
الحث على التقليل من الأكل، ففي الصحيحين من حديث أبي موسى - رضي الله عنه
- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((المؤمن يأكل في معىً واحد،
والكافر يأكلُ في سبعة أمعاء)) [6]، والمراد أن المؤمن يأكل بأدب الشرع
فيأكل في معىً واحد، والكافر يأكل بمقتضى الشهوة والشره والنهم فيأكل في
سبعة أمعاء، وندب - صلى الله عليه وسلم - مع التقليل من الأكل والاكتفاء
ببعض الطعام إلى الإيثار بالباقي منه، روى البخاري ومسلم من حديث جابر بن
عبد الله - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((طعامُ
الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي
الثمانية)) [7].

خامساً: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما حث
على التقليل من الطعام فإنه كان يفعل ذلك هو وأصحابه، وهذا في الغالب، وإن
كان ذلك لعدم وجود الطعام فإن الله لا يختار لرسوله إلا أكمل الأحوال
وأفضلها، روى الترمذي من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: تجشأ رجل
عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((كُفَّ عنا جُشاءك، فإن أكثرهم
شبعاً في الدنيا أطولهم جوعاً يوم القيامة)) [8].

سادساً: أن هذا
الحديث فيه الحث على الاقتصاد، وعدم الإسراف، قال - تعالى -: (يَا بَنِي
آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا
تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف: 31].

سابعاً: أن هذا الحديث فيه تعويد على الصبر والتحمل والانتصار على النفس الشهوانية، ولذلك يسمى رمضان شهر الصبر.

والحمدُ لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

----------------------------------------------------------

[1] رواه الترمذي (ص 390 - برقم 2380)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وحسنه الحافظ في الفتح (9/ 528).

[2] جامع العلوم والحكم ص 503.

[3] جامع العلوم والحكم ص 503، وفتح الباري (9/ 528).

[4] جامع العلوم والحكم ص 504- 506.

[5] انظر: الطب النبوي ص 105.

[6] ص 854 برقم 2062، وصحيح البخاري ص1067 برقم 5393.

[7] ص 853 برقم 2059، وصحيح البخاري ص1067 برقم 5392 واللفظ لمسلم.

[8] ص 404 برقم (2478)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.

الكـاتب :أمين بن عبدالله الشقاوي







مُشاطرة هذه المقالة على:reddit

تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى