27102012
حكاية : بائع الكلام .. ؟؟
من حكايات التراث الشعبي الفلسطيني
حكاية : بائع الكلام
{على لسان الآباء والأجداد} 10-3-2010م
خرج شاب من بيته ليبحث عن عمل له وكن يملك من المال ستة قروش فقط ، وفي الطريق مرََّ على متجر كبير ، نظر الشاب إلى المتجر فرآه فارغا من البضاعة ، ووجد صاحب المتجر جالسا خلف مكتبه ، ومن أمامه على المكتب ميزان .
سأل الشاب التاجر : ماذا تبيع ؟ .
قال التاجر : أبيع كلاماً .
دهش الشاب من التاجر ، وقال في نفسه ساخراً : من الذي بيع الكلام !!؟ يبدو أن هذا التاجر غبياً . ودفعه حب المعرفة أن يسأل التاجر : هل من الممكن أن تعطيني كلمة واحدة ؟ .
قال التاجر : لا أعطيك كلمة إلا بثمنها .
قال الشاب : وما ثمنها ! ؟ .
قال التاجر ، قرشين .
دفع الشاب القرشين إلى التاجر ثمناً للكلمة . فقال التاجر له : { مَن أمّنك لا تخُنه ولو كنت خائناً }.
تفحّص الشاب الكلمة فوجدها حكمة جميلة ، واستفاد منها الكثير ؛
قال الشاب للتاجر : أعطني كلمة أخرى .
قال التاجر: بثمنها أيضاً فلا يوجد شيء من دون ثمن .
دفع الشاب للتاجر قرشين آخرين ليحصل على كلمة جديدة .
قال له التاجر : { اتق الله أينما كنت فمن يتقِ الله يجعل له من كل ضيق مخرجاً } .
فهم الشاب معنى هذه الكلمة جيدا ، وحرص على العمل بها .
أحب الشاب تلك الكلمات الجميلة والتي لا بد من أن يكون لها ثمناً في يوم من الأيام ، ودفع له آخر قرشين يمتلكهما من أجل كلمة ثالثة .
قال التاجر : { ليلة الحظ لا تفوتها } .
سمع الشاب الكلمة الثالثة ولكنها لم تعجبه كثيرا ، إلا أنه لم ينسها ، وقال في نفسه : ربما تشرح لي الأيام معانيها الخفيّة.
استمر الشاب في طريقه باحثاً عن عمل له ؛ فمر على مصنع للصابون كان يملكه أحد الباشاوات الأغنياء ، طلب من الباشا صاحب المصنع العمل عنده ، وبدأ الشاب بالعمل ، وأحب الباشا ( صاحب المصنع ) الشاب ، ومنحه الثقة والاحترام ، واعتبره ابناً له فهو لم ينجب من الأولاد أحداً من قبل .
اقترب موسم الحج ، وطلب الباشا من الشاب أن يكون بيته أمانة عند الشاب في فترة غيابه للحج ، وأن يهتم كثيرا بزوجته ( أي زوجة صاحب المصنع ) ، وبعد أن سافر إلى بلاد الحجاز ، وفي ليلة كانت زوجة التاجر لوحدها ، دعت الزوجة الشاب للحضور إليها ، وطلبت منه أن يفعل بها الفاحشة ، وإلا صرخت بأعلا صوتها أنه جاء ليهتك عرضها ؛ فيكون الحكم عليه بالموت ؛ لأنه اعتدى على زوجة باشا له وزن وشأن ، ولكن الشاب تذكر النصيحة التي اشتراها بقرشين { مَن أمّنك لا تخنه ولو كنت خائناً } كما تذكر النصيحة الأخرى { اتق الله أينما كنت فمن يتقِ الله يجعل له من كل ضيق مخرجاً } ، فطلب من زوجة الباشا أن يدخل الحمام ، وعندما دخل الشاب الحمام ؛ دعا ربه أن يحفظه من عمل الفاحشة .... ففتح الله له ثغرة في الحائط ، وفرّ منها هارباً حامداً ربه على نجاته وسلامته .
انتهى موسم الحج وعاد الباشا من بلاد الحجاز سالماً ، وأقبل إليه الجميع مهنئين الباشا بالحج وبالعودة سالما إلى بيته .... لكن الشاب لم يذهب إلى الباشا ليهنئه بأداء فريضة الحج وبسلامة عودته .... افتقد الباشا الشاب ، وغضب منه غضبا شديدا .... فكيف يأتي إلى الباشا كل سكان المدينة مهنئين إلا ذلك العامل البسيط الذي أشفق عليه الباشا في يوم من الأيام ، واتخذه مثل إبن له وائتمنه على مصنعه وماله وبيته ؟ !!! إنه لأمر عجيب حقاً ومثير للغضب .
أخبرت زوجة الباشا زوجها بأن الشاب حاول أن يغتصبها ، واعتدى على عرضها وكرامتها ، وأنه لم يحفظ الأمانة ، وأنه ليس أهلا لها ....فازداد الباشا غضبا على غضب ، وأصر على أن ينتقم منه شرّ انتقام ؛ فطلب من العمال أن يضعوا هذه الليلة في الفرن ( النار ) آخر شخص يدخل عليهم .... وأخبر الباشا زوجته أن الشاب سيموت الليلة شر ميتة ، وتهيأت الزوجة للتشفي والانتقام من الشاب .... تنتظر سماع الخبر السعيد بالنسبة إليها ....
كان من العادة أن يدخل الشاب إلى المصنع في كل ليلة متأخراً لعمل خاص به ....
ولكنه وقبل أن يدخل المصنع في تلك الليلة مرت من أمامه زفة عريس ، فتذكر الشاب نصيحة التاجر الأخيرة التي لم تعجبه في ذلك الوقت { ليلة الحظ لا تفوتها } ، رافق الشاب موكب الزفة ، واستمر مع الموكب حتى ساعة متأخرة من الليل ، فبات ليلته هناك .... .
وفي تلك الليلة حضرت زوجة الباشا إلى المصنع ليلا ، لكي تعرف ماذا حصل للشاب ، فقد كانت تنتظر الخبر السعيد ، خبر موت الشاب شر ميتة وترغب بالانتقام منه....
كانت هي آخر من يدخل المصنع ، أراد العمال أن ينفذوا وصية معلمهم الباشا صاحب المصنع ؛ فحملوها وألقوها في النار ( الفرن ) ، وفي الصباح الباكر جاء الباشا ، وعلم أن زوجته هي التي كانت آخر من دخل المصنع ، أمر الباشا بأن يحضر الشاب بين يديه ، وعندما حضر الشاب ووقف أمام الباشا ، طلب الباشا منه أن يحكي له بالضبط ما حصل بينه وبين زوجته ، عرف الباشا بالحكاية كاملة وقال للشاب : أنت بريء والله سبحانه هو الذي أنجاك ، وهنأك الله بما أعطاك من حسن نية وصفاء سريرة ، وهذا المصنع كله بما فيه هو لك من اليوم .
وقالوا في الأمثال العربية : البري الله يبريه . ويسلم لي القارئ يا رب ، وعاش تراثنا الشعبي الفلسطيني
------------------------------
من حكايات التراث الشعبي الفلسطيني
حكاية : بائع الكلام
{على لسان الآباء والأجداد} 10-3-2010م
خرج شاب من بيته ليبحث عن عمل له وكن يملك من المال ستة قروش فقط ، وفي الطريق مرََّ على متجر كبير ، نظر الشاب إلى المتجر فرآه فارغا من البضاعة ، ووجد صاحب المتجر جالسا خلف مكتبه ، ومن أمامه على المكتب ميزان .
سأل الشاب التاجر : ماذا تبيع ؟ .
قال التاجر : أبيع كلاماً .
دهش الشاب من التاجر ، وقال في نفسه ساخراً : من الذي بيع الكلام !!؟ يبدو أن هذا التاجر غبياً . ودفعه حب المعرفة أن يسأل التاجر : هل من الممكن أن تعطيني كلمة واحدة ؟ .
قال التاجر : لا أعطيك كلمة إلا بثمنها .
قال الشاب : وما ثمنها ! ؟ .
قال التاجر ، قرشين .
دفع الشاب القرشين إلى التاجر ثمناً للكلمة . فقال التاجر له : { مَن أمّنك لا تخُنه ولو كنت خائناً }.
تفحّص الشاب الكلمة فوجدها حكمة جميلة ، واستفاد منها الكثير ؛
قال الشاب للتاجر : أعطني كلمة أخرى .
قال التاجر: بثمنها أيضاً فلا يوجد شيء من دون ثمن .
دفع الشاب للتاجر قرشين آخرين ليحصل على كلمة جديدة .
قال له التاجر : { اتق الله أينما كنت فمن يتقِ الله يجعل له من كل ضيق مخرجاً } .
فهم الشاب معنى هذه الكلمة جيدا ، وحرص على العمل بها .
أحب الشاب تلك الكلمات الجميلة والتي لا بد من أن يكون لها ثمناً في يوم من الأيام ، ودفع له آخر قرشين يمتلكهما من أجل كلمة ثالثة .
قال التاجر : { ليلة الحظ لا تفوتها } .
سمع الشاب الكلمة الثالثة ولكنها لم تعجبه كثيرا ، إلا أنه لم ينسها ، وقال في نفسه : ربما تشرح لي الأيام معانيها الخفيّة.
استمر الشاب في طريقه باحثاً عن عمل له ؛ فمر على مصنع للصابون كان يملكه أحد الباشاوات الأغنياء ، طلب من الباشا صاحب المصنع العمل عنده ، وبدأ الشاب بالعمل ، وأحب الباشا ( صاحب المصنع ) الشاب ، ومنحه الثقة والاحترام ، واعتبره ابناً له فهو لم ينجب من الأولاد أحداً من قبل .
اقترب موسم الحج ، وطلب الباشا من الشاب أن يكون بيته أمانة عند الشاب في فترة غيابه للحج ، وأن يهتم كثيرا بزوجته ( أي زوجة صاحب المصنع ) ، وبعد أن سافر إلى بلاد الحجاز ، وفي ليلة كانت زوجة التاجر لوحدها ، دعت الزوجة الشاب للحضور إليها ، وطلبت منه أن يفعل بها الفاحشة ، وإلا صرخت بأعلا صوتها أنه جاء ليهتك عرضها ؛ فيكون الحكم عليه بالموت ؛ لأنه اعتدى على زوجة باشا له وزن وشأن ، ولكن الشاب تذكر النصيحة التي اشتراها بقرشين { مَن أمّنك لا تخنه ولو كنت خائناً } كما تذكر النصيحة الأخرى { اتق الله أينما كنت فمن يتقِ الله يجعل له من كل ضيق مخرجاً } ، فطلب من زوجة الباشا أن يدخل الحمام ، وعندما دخل الشاب الحمام ؛ دعا ربه أن يحفظه من عمل الفاحشة .... ففتح الله له ثغرة في الحائط ، وفرّ منها هارباً حامداً ربه على نجاته وسلامته .
انتهى موسم الحج وعاد الباشا من بلاد الحجاز سالماً ، وأقبل إليه الجميع مهنئين الباشا بالحج وبالعودة سالما إلى بيته .... لكن الشاب لم يذهب إلى الباشا ليهنئه بأداء فريضة الحج وبسلامة عودته .... افتقد الباشا الشاب ، وغضب منه غضبا شديدا .... فكيف يأتي إلى الباشا كل سكان المدينة مهنئين إلا ذلك العامل البسيط الذي أشفق عليه الباشا في يوم من الأيام ، واتخذه مثل إبن له وائتمنه على مصنعه وماله وبيته ؟ !!! إنه لأمر عجيب حقاً ومثير للغضب .
أخبرت زوجة الباشا زوجها بأن الشاب حاول أن يغتصبها ، واعتدى على عرضها وكرامتها ، وأنه لم يحفظ الأمانة ، وأنه ليس أهلا لها ....فازداد الباشا غضبا على غضب ، وأصر على أن ينتقم منه شرّ انتقام ؛ فطلب من العمال أن يضعوا هذه الليلة في الفرن ( النار ) آخر شخص يدخل عليهم .... وأخبر الباشا زوجته أن الشاب سيموت الليلة شر ميتة ، وتهيأت الزوجة للتشفي والانتقام من الشاب .... تنتظر سماع الخبر السعيد بالنسبة إليها ....
كان من العادة أن يدخل الشاب إلى المصنع في كل ليلة متأخراً لعمل خاص به ....
ولكنه وقبل أن يدخل المصنع في تلك الليلة مرت من أمامه زفة عريس ، فتذكر الشاب نصيحة التاجر الأخيرة التي لم تعجبه في ذلك الوقت { ليلة الحظ لا تفوتها } ، رافق الشاب موكب الزفة ، واستمر مع الموكب حتى ساعة متأخرة من الليل ، فبات ليلته هناك .... .
وفي تلك الليلة حضرت زوجة الباشا إلى المصنع ليلا ، لكي تعرف ماذا حصل للشاب ، فقد كانت تنتظر الخبر السعيد ، خبر موت الشاب شر ميتة وترغب بالانتقام منه....
كانت هي آخر من يدخل المصنع ، أراد العمال أن ينفذوا وصية معلمهم الباشا صاحب المصنع ؛ فحملوها وألقوها في النار ( الفرن ) ، وفي الصباح الباكر جاء الباشا ، وعلم أن زوجته هي التي كانت آخر من دخل المصنع ، أمر الباشا بأن يحضر الشاب بين يديه ، وعندما حضر الشاب ووقف أمام الباشا ، طلب الباشا منه أن يحكي له بالضبط ما حصل بينه وبين زوجته ، عرف الباشا بالحكاية كاملة وقال للشاب : أنت بريء والله سبحانه هو الذي أنجاك ، وهنأك الله بما أعطاك من حسن نية وصفاء سريرة ، وهذا المصنع كله بما فيه هو لك من اليوم .
وقالوا في الأمثال العربية : البري الله يبريه . ويسلم لي القارئ يا رب ، وعاش تراثنا الشعبي الفلسطيني
------------------------------
تعاليق
رد: حكاية : بائع الكلام ..
السبت أكتوبر 27, 2012 3:16 pmkhalifa-dkf
شكرا لك اخي جزاك الله خير
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى